ولد الفريد نوبل في ستوكهولم,يوم ( 24 - 10 - 1833 ) في أسرة غنية تعمل بالصناعة ,وكانت طفولته رغم ذلك تعيسة بسبب صحته المعتلة وتنفسه غير المنتظم
وفى سنة 1850 قام نوبل الأب بإرسال ابنه إلى أمريكا وبعض دول الأوربية للاطلاع على مخابرالصناعات الحربية العلمية
وفى السنة التالية ذهب الفريد من جديد إلى بطرسبرج ,فتعرف بأستاذ روسي يعمل في مختبر للمواد المتفجرة وقد لفتت نظرالفريد بذات مادة معينة كان الأستاذ الروسي يصنع كمية قليلة جداً منها فوق سندان,ويدقها بمطرقة فتفجر محدثة صوتاً قوياً, ولما سال أستاذه عن هذه المادة أجابه بأنها مادة متفجرة جديدة اخترعها عالم كيميائي ايطالي اسمه <اسكاينوسوبريرو> وأطلق عليها اسم <النتروغليسيرين>!
وأوحى له ذلك باستثمار هذا المستحضر تجارياً فاشترى حقوق استثمار هذه المادة من مخترعها- اسكاينوسوبريرو-
واخذ يعمل لاختراع صاعق الذي يتركب من مادتي البارود و النترغليسيرين معاً
وقد انشأ نوبل لهذه الغاية مصنعاً في السويد سنة 1861 وبداء يمارس فيه تجاربه حتى توصل سنة 1865لاختراع الصاعق المشار أليه سابقاً, وبدأ يعمل بجد لتسويقه وفى سنة 1866 سافر الفريد نوبل إلى نيويورك حيث سجل تجارياً اختراعه ووقع عدداً من العقود مع مجموعة من الشركات الأمريكية لاستثمار مخترعه و تصنيعه وبدأت أرباح تصنيع هذا المخترع تصله في السنة التالية, ثم تضاعف أرباحه و خاصة بعد نقل نشاطه إلى أوربا
ولكن ذلك لم يدم طويلاً آذ أن المستحضر الجديد كان شديد الخطورة وقد سبب عدداً كبيراً من حوادث القتل بالجملة أثناء تحضيره أو نقله لان هذا المستحضر لم يكن امنً, وكان أبشع هذه الحوادث حادث سان فرانسيسكو سنة 1866حيث انفجر مستودع النتروغليسيرين وتسبب في مقتل خمسة وعشرين شخصاً وجرح عدد كبير ايضاً وبعد ذلك بستة أشهر انفجرت سفينة تحمل كرات مليئة بالنتروغيسيرين في عرض مرفأ بناما فقتلت خمسين شخصاً وجرح العشرات,ثم تعرض مصنع الصواعق الذي يملكه نوبل في ( كوميل ) قرب هام بورك ,وهو كان يعد من أهم مصانع في ذلك الوقت للانفجار ايضاً,وتبعه مصانع أخرى في السويد و النمسا مما اجبر عدة حكومات بمنع استعمال<النتروغليسيرين > أو تصنيعه أو حتى نقله في أراضيها,وهذه أسباب جعلت تجارة نوبل تتدهور وتبدأ بالخسارة
والغريب آن ما عجز نوبل أن يصل أليه بتجاربه العلمية توصل أليه صدفة: إذ انه بينما كان خارجاً من مصنعه في كوميل ذات يوم لاحظ أن كمية صغيرة من النتروغليسيرين قد انسكبت على أرضية الطريق وأخذت شكل كتلة صلبة ذات مسام بدلاً من أن يكون لها شكل عجينة
فحمل نوبل جزءاً من هذه الكتلة إلى مختبره واخذ بتحليلها بدقة حتى توصل إلى معرفة طبيعتها ,وهذا ما مكنه من صنع مادة جديدة لا تقل قوة عن النتروغليسيرين آلا بمقدار ضئيل رغم أنها أكثر منه أماناً واستقراراً لأنه يمكن نقلها من مكان إلى آخر بدون اى خطر
وقد سجل اختراعه الجديد هذا تحت اسم <الديناميت> اقتباساً عن كلمة Dynamis ) ) اليونانية ومعناه <القوة> وبدأ نوبل بتصنيع مادة <الديناميت> في سنة 1867 حيث أنتجت مصانعه 11 طناً منها في تلك السنة ,ثم ارتفع أنتاج هذه المادة و وصل إلى ( ثلاثة آلاف طن سنة -1874-)
وقد أمضى نوبل الأعوام العشرين التي مرت بين عام -1870- إلى عام -1890- بالتجوال بين عواصم أوربا وأمريكا لافتتاح مصانع له في كل عواصم الأوربية لإنتاج المواد المتفجرة حتى أصبح يحمل لقب ( ملك المتفجرات)
عن جدارة
ورغم انه لم يدخل في حسبانه,استخدام اختراعه هذا في الحروب فأن مادة الديناميت استخدمت بشكل خاص في الحروب وعلى نطاق واسع,بحيث تسببت في سقوط مئات الآلاف من القتلى وخاصة في الحروب الروسية والتركية سنة 1877والحروب الفرنسية الألمانية سنة1870
وكان آخر ما صنعه نوبل في حقل المتفجرات انه تمكن سنة 1887 من اختراع مادة متفجرة ,مرنة وعجيبة الشكل ذات قوة انفجار أقوى من الديناميت بكثير,وتزيد عنه أماناً في النقل والاستعمال , وقد حصل على هذه المادة من مزج مواد ( النتروغليسيرين ) و(فطن البارود) و(الكوللوديون) وسما هذه المادة الجديدة ( T N T) وفى عامي 1894و1895 بدأت صحة الفريد نوبل بالتدهور وبدا مرضه في صدره يشتد ,ومن عجائب القدر انه عولج من مرضه بجرعات خفيفة من مستحضر النتروغليسيرين نفسه , حتى أصبح يقال عن الفريد نوبل : أن
النتروغليسيرين يجرى في شرايينه
ولكن هذا المستحضر لم يفد ه كثيراً إذ أن القدر المحتوم وافاه في ألداره الفخمة التي كان يقطنها في سان ريمو (الريفييرا الايطالية ) يوم 10 كانون الأول عام 1896وهو اليوم الذي توزع فيه جوائز نوبل كل عام
والسؤال الآن هو على نحو التالي :هل خدم نوبل قضية السلام ؟ هل وضع اختراعاته في الخدمة الإنسانية؟
هل وزع أمواله على الفقراء ؟ هل إنشاء جمعيات خيريه في ذلك الوقت ؟ آم إن العكس هو الصحيح0
مما لا جدل فيه أن المتفجرات التي اخترعها نوبل وأمثاله قد جاءت شؤماً على البشرية جمعاء 0
وطعنه للسلام العالمي بدلاً من أن تستخدم لتحقيق الخير ولرفاه للإنسانية كشق الطرق في الجبال واستخراج
المعادن من جوف الأرض
ويدعى أنصار نوبل انه لم يكرس جوائزه السنوية الخمس إلا تكفيراً عن ذنبه ولكن أعداء نوبل يجيبون :لو كان
هذا صحيحاً لتوقف نوبل عن اختراع مستحضره الجديد (T N T) بعد أن لاحظ إن مستحضره السابق ,الديناميت
قد أستخدم في الحروب بدلاً من استخدامه في الخدمة الإنسانية والمنشات السلمية
ثم لو فرضنا إن نية نوبل كانت طيبة فماذا تهم النوايا الطيبة إذا صاحبتها أعمال قبيحة وشريرة ولاانسانية,اذاً كان
على نوبل أن لا يبيع حق استثمار أية مادة من مخترعاته إلا بعد أن يشترط عدم استخدامها في الحروب
ويضيف أعداء نوبل إلى ذلك إن نوبل لم ينشىء جائزة السلام حباً بالسلام,أو تكفيراً عن استعمال مخترعاته في الحروب,بل حباً بنبيلة نمساوية أسمها <بيرتافون سوتنر> كانت مهتمة بحركة السلام العالمي ورئيسة لجمعية
تحمل ألاسم (أصدقاء السلام) في فيينا
وقد وجه الفريد نوبل رسالة الى ألبارونة مون سوتنر سنة1893 اى قبل موته بثلاث سنوات يقول في رسالته
أنه قرر أن يمنح جائزة سنوية للرجل أو المرأة التي تقدم خدمة ذات أهمية لقضية السلام في أوربا ,وكانت هذه
الرسالة الأساس التي بنيت عليه جائزة نوبل للسلام
وقد كانت( بيرتا ) من أوائل من منحت لهم جائزة نوبل للسلام بعد أن أنشأت رابطة عالمية باسم (أصدقاء السلام )
مركزها في فيينا ولها أعضاء في جميع أنحاء العالم
وهكذا يبدو كما لو ان جائزة نوبل للسلام مفصلة خصيصاً لتعطى إلى بيرتا فون سوتنر
وعلى هذا يبقى السؤال الذي طرحناه كعنوان لهذا المقال
الفريد نوبل رجل الحرب أم رمز لسلام)؟
قائماً لأنه لا يمكن الجزم برؤى حول طبيعة الدوافع التي جعلت نوبل يقرر الايصاء بجوائزه الخمس بعد موته
ولكننا يمكن إن نجزم على الأقل بان المخترعات التي قدمها نوبل لم تستخدم في سبيل السلام العالمي ,رغم
مرور مائة عام على البدء منحها لم تساهم البتة كما نعتقد في توطيد قضية السلام أو في تقديم أية فائدة ايجابية له
نعم هذه الاختراعات كانت وسيلة الحرب بين كثير من الدول في عالمنا الواسع, ذهب فيها آلاف القتلة والجرحى
وتشرد آلاف من البشر بسب ألحروب ولاسيمة الأطفال الأبرياء لا نعلم ربما يأتي يوم ويكرم طفلاً من هؤلا الأطفال
بآحدى هذه الجوائز الخمس لاسيما جائزة نوبل لسلام؟